یبدو المشهد التفکیری الراهن محکوماً بطائفة من التأسیسات المعرفیة التی أنشأتها الحداثة على امتداد قرون خلت. وإذا کانت الإحتدامات الفکریة الکبرى قد تمحورت بالأساس حول فرضیة التضادّ بین العلم والدین، فإن هذه الفرضیة لا تنی تأخذ قسطها الوفیر من الجدل. فی هذا العدد ثلاثة من النصوص المستعادة لثلاثة من کبار العلماء فی میدان الفیزیاء والدین وفلسفیة الأخلاق: النص الأول، لعالم الفیزیاء آلبرت آینشتاین، وقد تحدث فیه عن العروة الوثقى بین العلم والدین، ودور الشعور الدینی فی إنجاز الکشوفات العلمیة الکبرى. إلا أنه یرجع الدین إلى عامل الخوف، ثم یصل إلى دیانة الأخلاق التی تنتهی إلیها الأدیان کلها، وما یسمیه الشعور الدین الکونی فهو ذاک الذی لا یعرف العقائد. أما فی مقام التعارض بین العلم والدین فإنه یحیل الأمر إلى ذلک الشعور. وعلى الرغم من تحفظنا على ما ذکره حول منشأ الدین تبقى نظریته محاولة لمد الجسور بین العلم والدین من خلال توسیع تعریف الدین وإعطاء معنى آخر له غیر مألوف فی الوسط الدینی. النص الثانی، للفیلسوف الإسلامی العلامة محمد حسین الطباطبائی ویتناول فیه تعریفاً للدین استناداً إلى الحکمة والنص القرآنی. ثم ینتهی إلى أن الإسلام یقدم حیاة معنویة أوسع وأعمق مما هی علیه فی الأدیان والمذاهب الأخرى. النص الثالث، هو لفیلسوف الأخلاق والترستیس، وقد حلَّل فیه التلازم الوطید بین علوم الطبیعة والإلهیات. نشیر إلى أن النصوص الثلاثة على تباینها من حیث الأسس والمبادئ والنتائج، إلا أنها تقارب الإشکالیات المعرفیة حول الدین من زوایا نظر مختلفة ومن منطلقات علمیة بحتة، لاهوتیة وفلسفیة.
نوشته
Footer